جونغ جي يونغ، شاعر الحنين

معجزة أدبية من "أوكشون"

"غدير يقص علينا القصص القديمة، وتعرجات تأخذنا إلى آخر الحقول،
ثور يتجول تحت ضوء الشمس الذهبية ،
هل لمكان كهذا أن يُنسى، حتى ولو في الأحلام؟"
الأبيات السابقة كانت جزءا من قصيدة "حنين" التي صاغها الشاعر"جونغ جي يونغ" الذي اشتهر بقدرته الفائقة في استخدام المظاهر الجمالية والمحسنات البديعية في تصوير الطبيعة وأصبح رائداً في خلق نموذج جديد للشعر الكوري الحديث.
ولد "جونغ" في أوكشون الواقعة في مقاطعة "شونغ شونغ الشمالية" في الخامس عشر من مايو عام 1902.
كانت المدينة التي نشأ فيها تتسم بالجمال الشديد حيث الشلالات المنحدرة من الجبال وغيرها من المناظر الخلابة، إلا أنه نشأ في فقر مدقع ووحدة بعد وفاة والده الذي كان يمتلك صيدلية فقدها في أثناء الفيضان. بدأ الطفل "جونغ" يحلم بعالم مثالي جميل ينسيه مرارة الواقع ، ومن هنا بدأ ينشط خياله الأدبي.
بدأ "جونغ" أنشطته الأدبية في السابعة عشر من عمره ونشر أول قصة له وهو في الصف الثاني الثانوي. كان "جونغ" متقدماً في دراسته مما أهله للحصول على منحة من مدرسته للالتحاق بجامعة "دوشيشا" في كيوتو باليابان حيث تخصص في الأدب الإنجليزي وبدأ مشواره الأدبي في كل من كوريا واليابان.

رائد الشعر الكوري الحديث

اشتهر "جونغ" كشاعر في كوريا بعد نشره تسعة أعمال من ضمنها "كافيه فرانس" في مجلة "هاكجو" عام 1926.أما في اليابان أيضاً فقد اشتهر ككاتب بعدما نشر 13 قصيدة شعرية وثلاث مقالات.
وفي عام 1929، أصبح" جونغ" عضواً في مجلة "شي مون هاك" الشعرية وبدأ يقود فن الشعر في كوريا مع شعراء كوريين آخرين ، مثل "كيم يونغ نانغ" و"بارك يونغ شول" ، ونشر عشر قصائد منها " مدينتي" و"قطار" في ثلاث مجلات أدبية.
كما نشر "جونغ" عام 1935 مجموعة شعرية بهرت الجميع وكانت سبباً في مدح الناقد الأدبي الشهير في ذاك الوقت" كيم كي ريم" قائلاً "وأخيراً بدأت مرحلة الشعر الكوري الحديث". وبذلك أصبح "جونغ" ملهم الأجيال اللاحقة من الكتاب والشعراء ، لكن حياته تغيرت بعد تحرر كوريا من الاحتلال الياباني.

شاعر لا يُنسى

بعد استقلال كوريا من الاحتلال الياباني بدأ "جونغ" في انتقاد مساوئ المجتمع في جريدة "كيونغ هيانغ" التي كان يتقلد منصب رئيس تحريرها، إلا أن نقده اللاذع أعطى الفرصة لأعدائه من النيل منه وتم اختطافه من قبل جيش كوريا الشمالية في أثناء الحرب الكورية ومات في سجن "بيونغ يانغ".
وظل ذكر اسم الشاعر من المحرمات لفترة طويلة ، حيث كان هناك من يعتقد أنه قد فر إلى كوريا الشمالية ولم يُختَطف.
وبالرغم من أن قصائده كانت محظورة حتى الثمانينات من القرن الماضي، إلا أنه لا يوجد أي شخص يستطيع أن ينسى هذا الفنان الذي عبر في أشعاره عن الطبيعة بكافة أشكالها ، ولذلك يشعر الكوريون بالحنين لتلك الأشعار ، كما يشعرون بالحنين إلى موطنهم .

02.15.2015

02.15.2015 جونغ جي يونغ، شاعر الحنين 2718020241